الجدران ليست دائمًا صامتة، فبعضها يتكلم من خلال الألوان التي تغمره. حين يضع فنان جدارياته على حائط مهمل، يتحول الجدار من صخرة باهتة إلى نافذة مفتوحة على عالمٍ آخر. كل خط ولون يحمل رسالة، وكل لوحة تترك أثرًا في المارة، حتى من دون أن يتوقفوا للتأمل.

الجداريات تُعيد للمدن حياتها، فهي تكسو الشوارع بطاقة جديدة، وتحوّل الأحياء الفقيرة إلى متاحف مفتوحة للعيون. من خلال الألوان الزاهية، تُروى قصص لم تُكتب بالكلمات، بل رسمها أصحابها ليبقوا حاضرين رغم الغياب.

وعندما تتقشر الألوان بفعل المطر والوقت، يبقى الجدار شاهدًا على أن أحدهم مرّ من هنا، وترك أثرًا صادقًا. في النهاية، الجدران التي تهمس بالألوان تذكّرنا أن الفن ليس حكرًا على القاعات الرفيعة، بل هو حق للجميع، يعيش بيننا في الأزقة وعلى الأرصفة.